منتدى الدكتور /مسعد سيد محمد كتبى لطلاب التاريخ والحضارة
**جميع الاراء و المشاركات الموجودة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الدكتور مسعد أو رأي إدارة الموقع **
منتدى الدكتور /مسعد سيد محمد كتبى لطلاب التاريخ والحضارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الدكتور /مسعد سيد محمد كتبى لطلاب التاريخ والحضارة

منتدى لطلاب التاريخ والحضارة فى كلية اللغة العربية بالمنصورة


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ورقة عمل الاسبوع 7\11\2010

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1ورقة عمل الاسبوع 7\11\2010 Empty ورقة عمل الاسبوع 7112010 الأحد 07 نوفمبر 2010, 3:29 am

محمد حمدي



الشبهة الأولى: هل دعا نوحٌ قومَه ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا؟!



من الاعتراضاتِ التي قالها أحدُهم أن القرآنَ يخبرُ أن نوحًا النبيّ عاش في قومِه ،ودعاهم لعبادةِ اللهِ ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا فهل

هذا يُعقل، إنسانٌ يعيش هذه المدة من الزمن ؟! اعتمدوا على ذلك بقولِه I :

] وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) [ (العنكبوت )



الرد على الشبهة



أولاً: إن الذي يظهر لي أن المعترض لم يقرأ كتابَه المقدس جيدًا، لذا أتيه أنا بالنصِ من الكتابِ المقدسِ الذي يؤمن به ؛ليؤكد جهله ....

جاء في سفر التكوين إصحاح 9 عدد 28وَعَاشَ نُوحٌ بَعْدَ الطُّوفَانِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. 29فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ نُوحٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً،

وَمَاتَ.

وأتساءل: هل يعترض المعترض على ما سبق....؟!



ثانيًا :إن الكتابَ المقدس يُظهر لنا تناقضا قويًا في الآتي:

نص يقول: إن عمر نوحٍ تسع مئة وخمسين سنة كما تقدم معنا

ونص آخر يقول: إن عمر الإنسان لا يزيد عن مئة وعشرين سنة ،و ذلك في سفر التكوين إصحاح 6 عدد 3فَقَالَ الرَّبُّ:

«لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً».

نلحظ من النص الأخير الذي فيه إن عمر الإنسان لا يزيد عن مئة وعشرين سنة يسبق النص الأول الذي فيه أن عمر نوح 950 سنة ...

أتساءل :أليس هذا تناقضًا واضحًا يدعو المعترض إلى التفكر فيه....!


الشبهة الثانية :هل كان نبيُّ اللهِ نوح يدعو بالضلالِ ؟!



من الشبهاتِ التي أُثيرت حول نبيِّ الله نوحٍ للقدح في عصمته من القرآن الكريم والسنة أنهم (المعترضون) قالوا: نوحٌ يدعو على قومِه بالضلال.... فهل

هذا يليق بنبيٍّ من عند اللهِ ...؟!

واستدلوا على ذلك بما جاء في الآتي:

1- قولهI : ]وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) [ (نوح) .

2- صحيح البخاري كتاب ( التفسير) باب ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) برقم 4343 .. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ

الأَرْضِ ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ

مِثْلَهُ ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قومي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي....



الرد على الشبهة



أولاً :إننا لم ننكر أن نوحًا دعا بالضلالةِ ... لكنّ هناك سؤلاً يطرح نفسه هو: هل نوحٌ بالضلال على المؤمنين أم الظالمين ؟!

الجواب: دعا على الظالمين؛ إذًا لا أشكال في ذلك ؛لأن الدعاءَ على الظالمين بالضلال أو اللعن من بابِ الجزاءِ من جنسِ العملِ ..... يقولI : ]فَأَذَّنَ

مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) [ ( الأعراف)

ويقول I مخبرًا عن نوحٍ: ] وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) [ (سورة نوح)

إذًا بيّن u أنهم ضلوا وأضلوا أتباعهم فدعا عليهم بجنس ما فعلوا (الضلال) ،وذلك بعدما تبين له أنهم لن يؤمنوا أبدًا ،وذلك عن طريق وحيِّ اللهI له:

] وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) [ (هود )

ثم إن نوحًا u قضى في دعوةِ قومه زمناً طويلاً لم يكن لأحدٍ من الأنبياء والرسل قبله ولا بعده ؛ يقولI : ] وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ

سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) [ ( العنكبوت)

فصبر نوحٌ u في دعوته مخلصا لربِّه : ] قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا

أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (Cool ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ

اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10).... [ ( نوح )

ظل يدعوهم إلى أن جاء وحي ربِّه : I ]وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) [ (هود )

وبعدها دعا علي المستكبرون الظالمين ، قالu: ]وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ

مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ

اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) [ (نوح )

ونجد بعدها أن اللهَ استجاب لدعائِهu ولم يخبره بأن دعائه فيه معصية كما فهم المعترضون !

ثم إن في القصةِ دليل على صدق رسالته و نبوتِه u وذلك لما دعا ربَّه استجاب له.... تدلل على ذلك أدلة منها:

1- قوله I : ]كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)

2- وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا

3- آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) [ ( القمر)

2- قوله I : ] قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا

وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي

وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) (نوح) [



فتلك معجزة في حقِ نوحٍu ؛لأنه لما دعا اللهَ I على الظالمين بعد أن أطلعه Iعلى عنادهم وعدم إسلامهم أبدًا .... استجاب I لدعائه، وأنتقم لنبيِّه من المجرمين.....

ثم إن موسى دعا على الظالمين فليس نوحٌ وحده من دعا على الظالمين ....يقول I:] وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) [ (يونس)،

وكان نبيُّناr يدعو على الظالمين..... وذلك في عدة مواضع منها:

1- صحيح مسلم برقم 3309 عن عُمَر بْن الْخَطَّابِ قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ r الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي

مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ

أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ

لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ }...

2- صحيح مسلم برقم 3350 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ:

بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ r سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَا جَزُورٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ r فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ وَدَعَتْ

عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ ،وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ،وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ،أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ شُعْبَة

الشَّاكُّ قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ غَيْرَ أَنَّ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَيًّا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ فَلَمْ يُلْقَ فِي الْبِئْرِ.

و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَزَادَ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ ثَلَاثًا يَقُولُ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثًا وَذَكَرَ فِيهِمْ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَلَمْ يَشُكَّ قَالَ أَبُو إِسْحَقَ وَنَسِيتُ السَّابِعَ



إذًا ليس هناك أدنى مطعنٍ يؤخذ عليهu ، بل كل ما هنالك أثبات مكانةِ أنبيائِه I عنده ونصرتهم واستجابة دعائهم ... يقول I : ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ

نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) [ ( الفرقان)



ثانيًا : ثبت في صحيحِ البخاري كتاب (التفسير) باب قَوْلِهِ : ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[ برقم 4127

عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ . فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ . فَيُقَالُ لأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟

فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ . فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ . فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ " . ] وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [ فَذَلِكَ قَوْلُهُ -جَلَّ ذِكْرُهُ- :

] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [ وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ .

نلاحظ من الحديث مدى قمةِ ضلالِ قومِ نوح، فهذه طبيعتهم قبل أن يدعوu عليهم ؛ بخلاف أنهم ضلوا عن سبيلِ اللهI وأضلوا،

و ينكرون نبيَّهم نوحا uيومَ القيامةِ فيشهد له نبيُّنا والمسلمون بأنه أدى الرسالةu وفيه بيانُ مكانةِ النبيِّ r وأمتِه...

ثالثًا : إن الرد الأمثل على استشهادِهم بحديثِ الشفاعةِ ،بقولِ نوحٍu :" قَدْ كَانَتْ لي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي نَفْسِي نفسي نفسي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي...."

يُرد بقولِهr كما في صحيحِ مسلم كتاب (الإيمان) باب( اخْتِبَاءِ النَّبِيِّ r دَعْوَةَ الشَّفَاعَةِ لأُمَّتِهِ ) برقم 512 -

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي

يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهِي نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ".

نلاحظ من الحديثِ أن لكلِ نبيِّ دعوة مستجابة وكل نبيٍّ تعجل بها ، ومنهم نوح u لما دعا اللهَ I قائلاً: ]رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ

وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) [ ( نوح)

فتحققت دعوته واستجيب له ، فأغرق الله الكافرين....لذلك نجد في حديثِ الشفاعةِ أن

نوحًاu خشي أن يطلب من اللهI فلا يستجاب له ؛لأنه له دعوة مستجابة قد دعا بها في الدنيا وأستجيب له .........

وعليه فليس في الحديثِ أي معصيةٍ تُذكر لنوحٍ u.



رابعًا : إن الناظرَ في الكتابِ المقدسِ يجده يصفُ ربَّ العالمين صفتي الحزن والأسف ،وذلك لأنه خلق الإنسان ؛ هذا الإنسان الذي فعل الشر فيُغرق

الأرضَ كلها إلا نوحا u ، وهذا يدل على شرِ قومِ نوحٍ وضلالِهم مما جعل رب العالمين يحزن ويأسف - تعالى الله عن ذلك - نجدُ ذلك في

سفرِ التكوين إصحاح 6 عدد5وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ.

6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ:

«أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ، لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي

عَمِلْتُهُمْ». 8وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.

وأتساءل عدة أسئلة:

1- هل ربُّ العالمين يحزن ويأسف( يندم)..؟

2- لماذا خلق الإنسانَ من الأصل أليس هو عليمٌ منذُ الأزل بخلقِه ؟!

3- لماذا يهلك الدبابات والطيور..؟

ويجد الناظر أيضًا في سفرِ التكوين أن اللهَ Iيبين لنا مدي شرِ قومِ نوحٍ فأمر نوحا بصنع السفينة ، ويبين لنا هلاكهم.... وذلك في

سفر التكوين إصحاح 6 عدد 12وَرَأَى اللهُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ قَدْ فَسَدَتْ، إِذْ كَانَ كُلُّ بَشَرٍ قَدْ أَفْسَدَ طَرِيقَهُ عَلَى الأَرْضِ. 13فَقَالَ اللهُ لِنُوحٍ:

«نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ الأَرْضِ. 14اِصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكًا مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ.

تَجْعَلُ الْفُلْكَ مَسَاكِنَ، وَتَطْلِيهِ مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ بِالْقَارِ. 15وَهكَذَا تَصْنَعُهُ: ثَلاَثَ مِئَةِ ذِرَاعٍ يَكُونُ طُولُ الْفُلْكِ، وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا عَرْضُهُ،

وَثَلاَثِينَ ذِرَاعًا ارْتِفَاعُهُ. 16وَتَصْنَعُ كَوًّا لِلْفُلْكِ، وَتُكَمِّلُهُ إِلَى حَدِّ ذِرَاعٍ مِنْ فَوْقُ. وَتَضَعُ بَابَ الْفُلْكِ فِي جَانِبِهِ. مَسَاكِنَ سُفْلِيَّةً وَمُتَوَسِّطَةً وَعُلْوِيَّةً تَجْعَلُهُ.

17فَهَا أَنَا آتٍ بِطُوفَانِ الْمَاءِ عَلَى الأَرْضِ لأُهْلِكَ كُلَّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. كُلُّ مَا فِي الأَرْضِ يَمُوتُ. 18وَلكِنْ أُقِيمُ عَهْدِي مَعَكَ،

فَتَدْخُلُ الْفُلْكَ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَامْرَأَتُكَ وَنِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ. 19وَمِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي

جَسَدٍ، اثْنَيْنِ مِنْ كُلّ تُدْخِلُ إِلَى الْفُلْكِ لاسْتِبْقَائِهَا مَعَكَ. تَكُونُ ذَكَرًا وَأُنْثَى. 20مِنَ الطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا، وَمِنَ الْبَهَائِمِ كَأَجْنَاسِهَا، وَمِنْ كُلِّ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ

كَأَجْنَاسِهَا. اثْنَيْنِ مِنْ كُلّ تُدْخِلُ إِلَيْكَ لاسْتِبْقَائِهَا. 21وَأَنْتَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ كُلِّ طَعَامٍ يُؤْكَلُ وَاجْمَعْهُ عِنْدَكَ، فَيَكُونَ لَكَ وَلَهَا طَعَامًا». 22فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ

كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ اللهُ. هكَذَا فَعَلَ.....

خامسًا:إن الأناجيل تنسب ليسوع المسيح أنه دعا على مدينته المقدسة ،و مدينة الملك العظيم داود، و بيت الرب الذي بناه سليمان بالدمار و بهلاك

كل بني إسرائيل،ودعا على الكتبة والفريسيين ،وأكتفي بما جاء في انجيل لوقا فقط كما يلي:

1-انجيل لوقا إصحاح 13 عدد34يَا أُورُشَلِيمُ، يَاأُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ

فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 35هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مُبَارَكٌالآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».

2-إنجيل لوقا إصحاح 6 عدد24وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى، لأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ

الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ. 26وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَنًا. لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ.

3- إنجيل لوقا إصحاح 11 عدد 44وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ، وَالَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَيْهَا لاَ يَعْلَمُونَ!».

4-إنجيل لوقا إصحاح 11 عدد47وَيْلٌ لَكُمْ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ. 48إِذًا تَشْهَدُونَ وَتَرْضَوْنَ بِأَعْمَالِ آبَائِكُمْ، لأَنَّهُمْ هُمْ

قَتَلُوهُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قُبُورَهُمْ.

لا تعليق !

الشبهة الثالثة ،والرابعة:حول سؤال نبيّ اللهِ نوح ربَّه عن هلاكِ ابنِه !



من الشبهاتِ التي أثارها المعترضون حول نبيِّ اللهِ نوحu شبهتين في قولِ اللهI : ]وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ

أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي

أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) [ (هود)

الشبهةُ الأولى :قالوا: كيف يسأل نوحٌ النبيُّ ربَّه ما لا يجوز طلبه ، وهو إنقاذ ابنه مع أن الله قال له : ]وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) [ (المؤمنون) ؟!

الشبهة الثانية :قالوا: كيف ينسبُ لنوحٍ النبيِّ أن ابنه غير شرعي كما هو ظاهر من الآيةِ،وكما قال بعضُ المفسرين ،وذلك من قولِه : ] قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ

لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ... [



الرد على الشبهتين



أولاً : أبدء بالرد على الشبهةِ الأولى أقول - بفضلِ الله وتوفيقه- ردًا على شبهتِهم التي تقول : كيف يسأل نوحٌ النبيُّ ربَّه ما لا يجوز طلبه ، وهو إنقاذ ابنِه

مع أن اللهI قال له: ] وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) [ (المؤمنون) ؟!

الجواب: أن نوحًا u لم يكن يعلم أن نسبه بابنِه قد انتهى بكفرِه بالله ، وعدم امتثاله لأمرِهI ورسولِه نوح u.....

فهم نوحٌu أن اللهI وعده بنجاة أهله الذين منهم ابنه ،ولكنّ مرادَ اللهِ I غير ذلك بخلاف ما فهم نوحu من خطابه I له ؛ فالمقصود بأهله هم

المؤمنين بدعوته u لله I ؛ نجد ذلك في قوله I : ] فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ

اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) [ (المؤمنون)

ثم إن المتأملَ في كتابِ اللهI يجد أن الآياتِ الأخرى بيّنت أن ابنَه من الذين ظلموا... يقول I : ]وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا

وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ

(43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) [ (هود)

ثم توضح الآياتُ التالية مرادَ اللهِ I من كلمة (أهلك) التي استشكل فهمه على نوحٍ u : ] وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ

الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)

قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) [ (هود) ،

وفي قراءة بكسر الميم «عَمِل» فعل ، ونصب «غَيْر» فالضمير لابنه.

نلاحظ أن نوحًا u الذي غلبته عاطفة الأبوة لما فهم مرادَ اللهِ أناب إلى ربِّه: ]قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي

أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) [ (هود)

فباركه اللهُ I و أيده و منحه السلام وأخبر نبيَّه محمدًا r بأن العاقبةَ للمتقين ، وليس للقرابةِ والصلةِ علاقة بالنجاةِ من عذابِ اللهِ I، فاهو نبيُّنا محمدٌ r

أبواه ماتا على الشركِ وبعض أقاربه كما كان من نوحٍ النبيِّ u مع ابنِه وزوجتِه : ] قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) [ (هود)

إن قصةَ نوحٍ وابنِه بيان عملي لقول اللهِ I: ]لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) [ (الممتحنة)

يبقى السؤال الذي يفرض نفسه علينا هو : ما هو الذنب أو الخطيئة التي أقترفها نوحٌ uحتى يطعن طاعنٌ في نبوتِه وعصمتِه من كتابِ اللهI ؟!



ثانيًا : للرد على الشبهة الثانية أقول وبالله التوفيق ردًا على شبهتهم التي تقول: كيف يُنسب لنوحٍ النبيِّ أن ابنَه غير شرعي كما هو ظاهر من الآيةِ، وكما

قال بعضُ المفسرين: ] قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ... [؟ الجواب على ذلك بإيجازٍ شديدٍ يكون في الآتي :



أولاً : إن الآيةِ الكريمة ليس فيها أي دليل على أن ابنَه ابن غير شرعي ( ابن زنا ) وقد تقدم معنا معنى الآية كما أسلفناه ] إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ[ الذين أمنوا

بدعوتك فأنقطع نسبك به لكفره ، وهذا يوضح لنا أن الأخوة في الدين أعظم من أخوةِ النسب...

ثانيًا :لم يرد عن نبيِّنا r أنه قال: إن نسب ابن نوح لأبيه نسب غير شرعي .

ثالثًا : أما من قال من السلفِ والمفسرين بأن نسب ابن نوح لأبيه غير شرعي فهذا كلام باطل لا دليل عليه ، ونحن لا نقبل كلامًا إلا بدليل....

يقول ابنُ كثير - رحمه الله- في تفسيره : وقال ابن عباس، وغير واحد من السلف: ما زنت امرأةُ نبي قط، قال: وقوله: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي: الذين وعدتك

نجاتهم . وقولُ ابن عباس في هذا هو الحق الذي لا محيد عنه، فإن الله سبحانه أغير من أن يمكن امرأة نبي من الفاحشة ولهذا غضب الله على الذين رمَوا أم المؤمنين عائشة

بنتَ الصدّيق زوج النبي r ، وأنكر على المؤمنين الذين تكلموا بهذا وأشاعوه؛ ولهذا قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } إلى قوله { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ

عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } [النور: 11-15]. وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن قتادة وغيره، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: هو ابنه غير أنه خالفه في العمل والنية. قال عكرمة:

في بعض الحروف: "إنه عَمِل عملا غير صالح" ، والخيانة تكون على غير باب. وقد ورد في الحديث أن رسول الله قرأ بذلك، فقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن أسماء بنت يزيد قالت، سمعت رسول الله r يقرأ: "إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِح"، وسمعته يقول : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى

أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } ولا يبالي { إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53] . وقال أحمد أيضا: حدثنا وَكِيع، حدثنا هارون النحوي،

عن ثابت البُنَاني، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن أم سلمة أن رسول الله قرأها: "إنه عَمِل غَيْرَ صَالِح" . أعاده أحمد أيضًا في مسنده أم سلمة هي أم المؤمنين والظاهر -والله أعلم –

أنها أسماء بنت يزيد، فإنها تكنى بذلك أيضا .

وقال عبد الرزاق أيضًا: أخبرنا الثوري وابن عيينة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قَتَّة قال: سمعت ابن عباس -سُئِل -وهو إلى جَنْب الكعبة -عن قولِ اللهِ:

{ فَخَانَتَاهُمَا } [التحريم:10]، قال: أما وإنه لم يكن بالزنا، ولكن كانت هذه تخبر الناس أنه مجنون، وكانت هذه تدل على الأضياف. ثم قرأ: { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } قال

ابن عيينة: وأخبرني عمار الدُهْبِي أنه سأل سعيد بن جبير عن ذلك فقال: كان ابن نوح، إن الله لا يكذب! قال تعالى: { وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ } قال: وقال بعضُ العلماء: ما

فجرت امرأة نبي قط . وكذا روي عن مجاهد أيضًا، وعكرمة، والضحاك، وميمون بن مِهْران وثابت بن الحجاج، وهو اختيار أبي جعفر بن جرير، وهو الصواب [الذي] لا

شك فيه.أهـ



ثالثًا : إن المتأملَ في الكتابِ المقدس يجده لا يذكر القصةَ الذي ذكرها القرآنُ الكريم (نوح وابنه ) ، فهذا مصداق لقولِ اللهِ I لنبيِّه r : ]تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ

الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) [ (هود) ، ويجده (الكتاب المقدس) ينسب لنبيِّ اللهِ نوحٍ u

أنه سكر وتعرى ثم يلعن ابنه وينشئ الفُرقة والعنصريةَ بين أبنائه ،وذلك في سفر التكوين إصحاح 9عدد18وَكَانَ بَنُو نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنَ الْفُلْكِ سَامًا

وَحَامًا وَيَافَثَ. وَحَامٌ هُوَ أَبُو كَنْعَانَ. 19هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ بَنُو نُوحٍ. وَمِنْ هؤُلاَءِ تَشَعَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ. 20وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلاَّحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. 21وَشَرِبَ مِنَ

الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ، 25فَقَالَ: «مَلْعُونٌ

كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ». 26وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ. 27لِيَفْتَحِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ، وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا

لَهُمْ».

نلاحظ من فعل نوح أنه بدلاً من أن ينصح ابنه الصغير للتصرف الصحيح مع الوالد حينما سكر وتعرى، صب لعناته على كنعان ابن حام، كنعان الذي

لعله لم يُخلق بعد....

وعليه اتساءل:

1- ما ذنب كنعان حتى يصب نوحٌ لعانته عليه.. ؟!

2-ما ذنب أبيه الذي لم يستحق هذا كله ...؟!

3- ماذا عن الأب (النبي نوح) الذي شرب الخمرَ فسكر وتعرى، ما الذي يستحقه.. عقوبة أم ماذا... ؟

4-هل اعتبرت التوراة سُكر نوح وتعريه معصية... ؟

5- هل عاتبه ربُّه على ذلك ...؟



إذًا يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل هذا النبيّ (نوح) الذي وصفته التوارة بهذا الأوصاف يُقتضى به ويحترم من القارئ.... ؟!

إننا نحمد اللهI الذي كرم أنبياءه في كتابِه المجيد؛ قال I لنبيِّه: ]أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا

لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) [ (الأنعام)


الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى